أن تضيء شمعة خير من أن تلعن العتمة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أن تضيء شمعة خير من أن تلعن العتمة

المنتدى يختص بالوسائل التكنلوجية في التربية ةالتعليم


    التعليم المستمر في خدمة المجتمع

    hasn sh
    hasn sh


    المساهمات : 21
    تاريخ التسجيل : 28/03/2010
    العمر : 28
    الموقع : القطيفة

    التعليم المستمر في خدمة المجتمع Empty التعليم المستمر في خدمة المجتمع

    مُساهمة  hasn sh الجمعة أبريل 02, 2010 11:50 am

    مقدمة:
    وُسِم هذا العصر بعصر السرعة فكانت هذه الصفة قاصرة في وصفه ، فقيل هو عصر الانفجار المعرفي فكانت سمة لا تمثله كما يجب ، وحقيقة فأنا لا أجد له تعريفا يمثله خير تمثيل إلا أنه عصر السباق إلى المجهول عبر الغد ، فهو عصر تسارعت فيه عجلة التنمية على مختلف الصعد تسارعا مريعا يدق أجراس الخطر ، محذراً من أن عجلة التنمية كما ترقى بالأمم إلى القِمم ، فقد تسحق المتأخرة منها ناهيك عن الجامدة . ومن الجمود الذي أقصده جمود التربية والتعليم واقتصاره على مراحل روتينية كما لو كانت قوالب ثلج تنتج في الشتاء كما في الصيف ، وفي الليل كما في الهجير . متجاهلة بذلك العوامل المحيطة ، والمؤثرة المتنوعة بتنوع الزمان والمكان والمؤثر ذاته .
    ولعل الأمم الجامدة في تربيتها وتعليمها واهتمامها بالفرد الذي ينساب ضمن النسق الإنساني المتكامل هي التي أغفلت جانب التجدد وتغاضت عن عامل السرعة حتى تراكمت عليها كل هذه الإشكالات من تخلف في مختلف المناحي ، وعلى النقيض من ذلك فتلك الأمم التي تنبهت للتجدد وعامل السرعة وسعت سعيا حثيثا لأخذ مكان آمن على هذه العجلة تتعهده بالصيانة في كل حين هي التي تقدمت وتطورت وقادت العالم بقدر ما لديها .
    لماذا التعليم المستمر وخدمة المجتمع ؟
    الجمود للإنسان هو الموت وترك المجال للآخرين في التحكم به وتسييره كيفما يشاؤون ، والتجدد للإنسان هو الحياة بمعناها الكامل ، واللبنة الأولى في بناء المجتمع هي الفرد ، ولكي نطور المجتمع لابد أن نبدأ بتطوير الفرد ، وهذا التطوير وأي تطوير للإنسان في أي حقبة زمانية لا يكون إلا بالتعلم والخبرة ، كي ينسجم الفرد في مجتمع ينسجم مع المجتمعات الأخرى ويبادر لإمساك زمام القيادة وفي عصر كهذا لن يفوز في سباقه إلا من امتلك المعرفة ووظفها في خدمة التقنية وتعهد كل ما توصل إليه بهدف التجديد والتطوير .
    مفهوم التعليم المستمر :
    إن مفهوم التعليم المستمر ليس مفهوما جديدا ساقته لنا التربية الحديثة بل هو مفهوم قديم قدم الحضارات ، كما أنه أمر ملازم للديانات السماوية ، إذ نادت بالتربية المستمرة ضمانا لانتشارها بين الأجيال المتعاقبة ، وبقائها في العصور المتعاقبة .
    وللتعليم المستمر عدة مصطلحات تطلق عليه منها:
    " التربية مدى الحياة " Lifelong Education و التربية المستمرة Continuing Education و" التربية الدائمة " L'Education Permanente و " التعليم المستمر" Continuous Learning . وكل هذه المصطلحات تتفق على أن التربية عملية مستمرة لا تقتصر على مرحلة معينة من العمر ، أو تنحصر في مرحلة دراسية محددة ، متلاحمة مع سياق الحياة.
    ومما قاله "جون ديوي" في هذا النوع من التعلم: " إن التعلم الحقيقي يأتي بعد أن نترك المدرسة ، ولا يوجد مبرر لتوقفه قبل الموت".
    التعليم المستمر عبر التاريخ:
    لقد نادت الحضارات القديمة والديانات السماوية بفكرة التربية المستمرة كمطلب وضرورة لاستمراريتها وتعاقبها عبر الأجيال ، وقد كانت التربية في المجتمعات البدائية تهدف بشكل أساسي إلى تنمية القابلية لمعطيات العصر إذ كانت تعيش على نمط معين من التعليم في المراحل الأولى من العمر تكمن أهدافه الأساسية في معرفة مبادئ العيش وحفظ النفس والدفاع عنها من الأخطار التي قد تحيط بها، وقد نحت العملية التعليمية في ذلك الوقت منحى يرتكز هدفه الرئيس في مواجهة الحياة والتغلب على مصاعبها والبحث عن المطالب الأساسية للعيش بشكل يحاكي فيه الشباب الكبار في أعمالهم من حيث استخدام السلاح ، وتعلم فنون الصيد وركوب الخيل وبناء المسكن وتوفير الغذاء ، وهي أمور لها الاستمرارية التي لا تنقطع لضرورتها في استمرار الحياة ذلك الوقت .
    وبعد أن أصبحت المدارس مؤسسات تهدف إلى نقل مفردات التراث الثقافي والمادي لم تكن تختلف كثيرا عن التربية والتعليم ي الحياة البدائية للإنسان من حيث المنهج الذي كان يهدف إلى نقل التراث من قيم وعادات ومهارات من الأجداد إلى الأحفاد ، فنجد أنه في التربية اليونانية يتم إعداد المحارب إعداداً خاصاً بعد الدراسة الأولية وذلك بتدريبه على عدة أمور في مجاله.
    أما عند الصينين فقد كان لزاماً على من يروم ارتقاء المناصب العلية أن يجتاز جملة من المراحل التعليمية والتربوية البالغة الدقة والصعوبة فيما يتعلق بالتاريخ الصيني وخاصة الكونفوشية ، وقد يستغرق مروره بهذه المراحل جزءا ليس باليسير من مراحل حياته ، وعلى الموظف الاستمرارية في التعلم ومن الأقوال المأثورة والمأخوذة من بعض الكتابات القديمة في القرن الثاني الميلادي " إن العقلاء يبحثون عن المعرفة كأنهم لن يموتوا أبداً ، أو لن يشيخوا، ويحصلون على الفضل كأنهم سوف يموتون غداً" وهو أيضا قول مأثور عن أحد الصحابة رضوان الله عليهم .
    وهكذا تستمر التربية المستمرة أو التعليم المستمر في المسيرة عبر التاريخ مرتدية ثوب الزمان الذي تعاصره ، حتى تصل إلى فجر الحضارة الإسلامية التي جعلتها أساسا من أسسها ، فنجد أن الدين الإسلامي الحنيف وما تبعه من حضارة ملأت الشرق والغرب وبثت النور في كل نواحي الظلمة والظلام ، قد دعا إلى فكرة "التربية المستمرة" _ اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد _ وقد كان التركيز على النمو في مجالات العلم والثقافة جليا وواضحا ، فالعلم يعد من أهم دعائم الدين وطلبه فريضة على كل مسلم ومسلمة ، وهو فرض لا تحده الزمكانية .
    وقد أكد الدين الإسلامي على ضرورة التعليم المستمر في حياة المسلم لمواجهة تحديات الزمان والوصول إلى أرقى مراحل الإيمان وتحقيق قول المولى عز وجل " إنما يخشى اللهََ من عباده العلماء " وبذلك يشير الله تعالى في كتابه الكريم " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " " وقل ربي زدني علما" " وفوق كل ذي علم عليم" .
    كما أشارت إلى ذلك السنة النبوية المطهرة في مواضع مختلفة : يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد " " طلب العلم فريضة على كل مسلم مسلمة " " من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقا إلى الجنة " وكل هذه الأحاديث الحاثة على طلب العلم غير محدودة بزمان أو مكان ، مما يدل على ضرورة استمرارية التعليم لما تحققه من تمكين للفرد في حفظ دينه ودنياه فيعمل لدنياه كأنه يعيش إلى الأبد ولآخرته كأنه يموت غداً ، وفي استمرار التربية والتعليم ضمان لاستمرارية القيادية والتقدم والوقوف خلف مقود السفينة بكل تمكن للوصول بكل آمان .
    ولمعرفة سر اهتمام التربية الإسلامية بالتعليم المستمر يجب علينا أن ننطلق من الصفات الخاصة التي تميزت بها هذه التربية وهي :
    1- التربية الإسلامية تربية مطلقة : من حيث الزمكانية ، فهي ليست محصورة بمرحلة عمرية معينة ولا حقبة زمنية محددة ، بل ممتدة من المهد إلى اللحد ، وهذا الأمر هو ما تدعو إليه التربية المعاصرة وتضعه ضمن أولوياتها ، والمكان مطلق " اطلبوا العلم ولو في الصين" " الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها "
    2- تربية تتلاءم مع تغيرات نمو الأفراد وأعمارهم : ففي مرحلة الطفولة تختلف الأساليب في التربية عن الأساليب المستخدمة مع الأعمار الأخرى كما تختلف مع نفس الأعمار في الأجيال المختلفة وفقا للظروف المحيطة ، فنجد الرسول صلى الله عليه وسلم يبين ذلك في قوله " إنهم خلقوا لزمان غير زمانكم " .
    3- تربية تستهدف تكوين المجتمع : فهي تحث أفراد المجتمع على التعلم وبث ذلك في المجتمع بشكل عام ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم " طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة " إشارة إلى ذلك ،ولا يفوتنا التأكيد على أن التعلم يشمل المعلم والمتعلم على حد سواء كي تتحقق القدرة على مواكبة التغيير ، وبناء المجتمع المتقدم .
    4- تربية شاملة للإنسان : لا تفرق بين من هو صغير أو كبير ، ذكر أو أنثى ، سليم أو معاق ، فهي أمر مطلق ، كانت لدى الكتاتيب وفي الجوامع والمساجد وعند العلماء والوراقين والأسواق وغير ذلك ، وكذا لم تغفل التربية الإسلامية نصيب المرأة من العلم والتعلم يقول الله تعالى " تعلمونهن مما علمكم الله " ويقول الرسول صلى الله عله وسلم " ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم" .
    من كل ما سبق نخلص إلى أن التعليم المستمر راسخ في رواسخ حضارتنا الإسلامية نادت به لكل أفراد المجتمع دون تفريق ، وما التسميات الحديثة من تربية مستمرة أو دائمة أو متواصلة إلا فكر قديم بثوب معاصر وجديد.
    أما في العصر الحديث فالتربية المستمرة أو التعليم المستمر يعود بجذوره إلى المفكر كومنيوس الذي نادى في كتابه "فن التعليم الأكبر" إلى تربية عامة لكل المهنيين وجميع طبقات المجتمع لا فرق في ذلك بين رجل وامرأة ولا غني وفقير ، لأن في ذلك تحرير لهم من السلبية ، وزيادة لإنسانيتهم التي تنمو بالعقل والفكر والعمل. وقد رفع كومينوس شعارا يردده التربويون وهو " تعليم الكل للكل بشكل كلي ".
    وفي الوقت الحاضر نضجت فكرة التعليم المستمر واتضحت مفاهيمه على المستوى العالمي وها هي الدول تسعى إلى إيجاد الإمكانات المناسبة التي تخدم هذا التعليم وتلبي متطلباته إيمان منها بقيمته في مواجهة هذا العصر الذي يوصف أقل ما يوصف أنه انفجار معرفي وعصر سرعة ، لذا نرى بعض نماذج الجامعات المفتوحة والدراسة عن بعد وعن طريق المراسلة والتدريب المستمر لمن هم على رأس العمل ...الخ ) وما إلى ذلك من سبل تحقق أهداف هذا التعليم التي تسعى إلى مواكبة التنمية والتطور السريعين .
    ولعلنا نتطرق لاحقاً بشيء من الإيضاح إلى أهداف " التعليم المستمر" والتي تتقولب بقالب خدمة المجتمع وتنصب في هذا المجال .
    خصائص التعليم المستمر:
    إن التعليم المستمر يستند على عدد من الخصائص التي جعلت له أهمية قصوى تميزه وتعزز من مكانته في سبيل التعاطي مع ما تعيشه المجتمعات ، وهذه الخصائص تتمحور في خمسة أركان هي:
    1) الكلية أو الشمولية "Totality ": وهذا يعني أنها تشمل جميع مراحل الإنسان من المهد إلى اللحد ، وجميع أنواع التعلم الرسمية وغير الرسمية.
    2) التكامل ""Integration : ويقصد به التكامل بين جميع مصادر المعرفة والتربية من البيت والمجتمع والمدرسة ومراكز التدريب وغيرها مما يشكل عملية التعلم والتربية.
    3) المرونة"Flexibility": متماشية مع متغيرات العصر ومتطلباته في ما يعلم، وكيف يعلم؟ ولم يعلم؟، تؤمن بضرورة التغيير لوجوده أصلا.
    4) الديمقراطية"Democratization": تؤكد على حق جميع الناس في التعلم بغض النظر عن الفروق الاقتصادية الاجتماعية الثقافية والعقلية، فهي تربية للجميع.
    5) تحقيق الذات"ٍSelf-fulfillment" : أي أن هذه التربية أو التعليم تسعى لأن يكون الفرد محققا لذاته ومطورا لها ليعيش عيشة متناسقة مع ما يفرضه المجتمع والعصر ، تكيفه مع العوامل المحيطة وتفتح المجال له للإبداع ، وكل ذلك ينعكس في النهاية على مجتمع متقدم متطور تبعا لتقدم وتطور أفراده.
    أهداف التعليم المستمر:
    إن أهداف التعليم المستمر لا تعتبر أهدافاً نهائية بل هي أهدافٌ تتجدد وتتغير وفقاً لتجدد وتغير تطلعات الإنسان وقدراته وظروفه المحيطة ، و من الأهداف ما هو قريب ومنها ما هو بعيد وهما على صلة فتحقيق البعيد يتطلب تحقق القريب . لكن يمكننا أن نقف عند الخطوط العريضة من هذه الأهداف والتي ترتبط ارتباطاً مباشراً بمتغيرات العصر ،ونحن نقف أمام متطلبات جمة يجاهد فيها الفرد ليلحق بركب التقدم ويبقى ضمن تيار التطور المنطلق بسرعة الريح .
    ولعل الهدف الأسمى من التعليم المستمر هو خدمة المجتمع ، والأخذ به إلى مصَاف المجتمعات المتقدمة المواكبة لمراحل التنمية في مختلف المجالات ، ومن أهداف هذا التعليم أيضاً:
     إعادة فحص الأفكار وأنماط السلوك السائدة في المجتمع ، بناء على المشكلات الجديدة وتحديد ما تتطلبه عناصر التغيير التي طرأت والسعي إلى تحقيقها .
     تضييق الهوة الثقافية الناتجة عن اختلاف السرعة بين النمو المادي والنمو الحضاري في جوانب الحياة الاجتماعية .
     التوفيق بين القيم والاتجاهات القديمة و متطلبات العصر الجديد .
     مواجهة ما ينتج من مشكلات ناتجة عن التغيير الاجتماعي السريع .
     التنمية الاقتصادية وتعزيز موارد دخل المجتمع .
     نشر الوعي حول القضايا الكبرى سواء المحلية أو الخارجية .
     تلافي الأخطاء السابقة.
    وكل هذه الأهداف في مجملها تضع نصب عينيها خدمة المجتمع من خلال تطوير أفراده وهي الفلسفة التي يقوم عليها التعليم المستمر.

    الأصول الفلسفية للتعليم المستمر:
    لعل أقرب فلسفة في تحديد فكرة التعليم المستمر هي الفلسفة البرجماتية pragmatism وقد ركزت هذه الفلسفة على أهمية التربية في مجال التغيير الاجتماعي ، ويرى "بيرجفن" مع "لندمان" في النظرة إلى الهدف من هذا التعليم أنه التغيير الاجتماعي ، إذ أن الإنسان لا يمكنه الانفصال عن مجتمعه ، كما أن النمو الفردي هدف لخدمة المجتمع . ولعله من الجدير بنا هنا الإشارة إلى الفلسفة البرجماتية كونها الفلسفة التي تحدد معالم هذا النوع من التعليم .
    الفلسفة البرجماتية:
    تعود جذور هذه الفلسفة إلى العصور القديمة وبالتحديد إلى الفيلسوف اليوناني هيراقليطس الذي يعتبر الجد الأعظم للجدل ، وهي تقوم على التغير المستمر وأن الحقائق الثابتة لا وجود لها .
    أما البرجماتية في العصر الحديث فتنسب إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث تطورت هناك في النصف الثاني من الفرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين .
    ويمكننا تعريف الاتجاه البرجماتي بأنه : تحويل النظر بعيداً عن الأشياء الأولية ، والمبادئ والقوانين والحتميات المسلم بها ، وتوجيهه - النظر- نحو الأشياء الأخيرة : الثمرات ، النتائج ، الآثار .
    ويطلق على هذه الفلسفة عدة تسميات منها :
    النفعية ، الأدائية ، التجريبية ، العملية وغيرها من التسميات التي تحدد منهجها . وهذه الفلسفة تؤمن بأن التربية هي الحياة وليست الإعداد للحياة .
    المبادئ الأساسية للفلسفة البرجماتية :
    1- طبيعة العالم : عالم نسبي غير ثابت ، وفي حالة تغير مستمر .
    2- طبيعة الحقيقة : الحقيقة غير مطلقة ، فهي لفظ إشاري دال ، وهي خير ما لدينا من المعرفة المختبرة .
    3- طبيعة الإنسان : الإنسان كل متكامل له طبيعته الفردية وشخصيته الخاصة وقدراته ، وله وجود خاص ضمن العنصر الإنساني العام .
    4- طبيعة المجتمع : حافظ ومنم للتراث الإنساني ، يضع ثقته في الإنسان لتطويره .
    5- طبيعة القيم : لا وجود لقوانين أخلاقية مطلقة ، فهو لا يعنى بالأخلاق لذاتها بل لمنفعتها وكذا العلم والجمال .
    6- طبيعة الحياة : التربية هي الحياة ، تستمر مادام الإنسان حياً .
    التطبيقات التربوية للفلسفة البرجماتية :
    1- من رؤية الفلسفة البرجماتية للتربية أن التربية هي الحياة وليست الإعداد للحياة يمكن أن نعرف التربية في ضوء هذه الفلسفة بأنها : "عملية مستمرة من إعادة بناء الخبرة بقصد توسيع وتعميق محتواها الاجتماعي "
    2- لا تضع الفلسفة البرجماتية أهدافا ثابتة أو محددة للتربية وذلك لأن "المستقبل غيب لا يمكن التكهن به ".
    3- تنظر البرجماتية للإنسان ككل ، فتتعدد مجالات التربية من جمالية ، ودينية ، وعقلية ، وخلقية ، وكل هذه الأشياء لا تطلب لذاتها ، بل لأن وراءها نفعاً.
    4- تؤكد البرجماتية على ضرورة تنويع الوسائل لتحقيق الأهداف ، حيث أن الطريق التربوي هو طريق موصول من النمو ، ومن هنا فإنها لا تفصل بين مادة التدريس وطريقته .
    5- تؤكد البرجماتية على ضرورة مراعاة الفروق الفردية ، وتوفير الحرية لكل فرد ، يعمل في مجال التربية .
    6- المناهج الدراسية وحدات ديناميكية هادفة ، والمنهج الأنسب هو حل المشكلات .
    البرجماتية والتعليم المستمر.
    لعلنا قد أدركنا مما سبق العلاقة بين البرجماتية والتعليم المستمر ، من حيث أن الأصول الفلسفية لهذا التعليم ، تتحدد من خلال الفلسفة البرجماتية التي تقوم على التغيير المستمر وأنه لا يوجد حقيقة مطلقة بل تتجدد هذه الحقائق وفقا للعوامل المحيطة من زمان ومكان ومؤثرات ، وحيث أن هذه الفلسفة تنظر للتربية بأنها هي الحياة فكأنها تقول أن الحياة كلها تربية أي تعليم مستمر حتى النهاية التي تتحدد بنهاية الحياة .
    ولعل هذه الفلسفة تبرز أهمية التعليم المستمر في مواجهة التغير المستمر، وكل ذلك يصب في خدمة المجتمع الذي يصب ثقته في المتعلم بإعطائه كامل الحرية لإيمانه بضرورة أن النظام يجب أن ينبع من التلميذ نفسه ، ومن شعوره بالمسؤولية الملقاة عليه .
    فلسفة التعليم المستمر في خدمة المجتمع:
    "الاجتماع الإنساني ضروري ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم " الإنسان مدني بالطبع أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدنية في اصطلاحهم وهو معنى العمران . وبيانه أن الله سبحانه خلق الإنسان وركبه على صورة لا يصح حياتها وبقاؤها إلا بالغذاء وهداه إلى التماسه بفطرته وبما ركب فيه من القدرة على تحصيله إلا أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته من ذلك الغذاء غير موفية له بمادة حياته منه . ولو فرضنا منه أقل ما يمكن فرضه وهو قوت يوم من الحنطة مثلا فلا يحصل إلا بعلاج كثير من الطحن والعجن والطبخ . وكل واحد من هذه الأعمال الثلاثة يحتاج إلى مواعين وآلات لا تتم إلا بصناعات متعددة من حداد ونجار وفاخوري . هب أنه يأكله حبا من غير علاج فهو أيضا يحتاج في تحصيله حبا إلى أعمال أخرى أكثر من هذه من الزراعة والحصاد والدراس الذي يخرج الحب من غلاف السنبل. يحتاج كل واحد من هذه إلى آلات متعددة وصنائع كثيرة أكثر من الأولى بكثير ويستحيل أن توفي بذلك كله أو ببعضه قدرة الواحد . فلا بد من اجتماع القدر الكثيرة من أبناء جنسه ليحصل القوت له ولهم فيحصل بالتعاون قدر الكفاية من الحاجة لأكثر منهم بأضعاف " (ابن خلدون، 1413،ص33).لعل أحدا ً منا لا يجهل هذه النظرية التي ذكرها ابن خلدون في مقدمته المشهورة ، والتي حدد بها معنى الاجتماع وغاية وآلية تعايش المجتمع مع ضرورياته ، ولعل ما ذكره ابن خلدون ينسحب على كل المجتمعات مع تطور المثال الذي ساقه وفقا لتطور الحاجات والضرورات .
    وقد تتطور فكرة المجتمع من مجتمع بذاته إلى تجمعات ثقافية واقتصادية ومعلوماتية وفقا لمنظور العولمة التي تعد من أبرز سمات هذا العصر ، فنرى التكتلات الاقتصادية والثقافية والسياسية وغيرها ، والتي تكون تجمعات تستدعي عدم الثبات نظراً للتجدد المستمر والمتسارع والذي يحتاج إلى مواكبة تحمي هذه التجمعات وتقويها وتجنبها الفجوات التي قد تحدق بها نتيجة التأخير في عملية التجديد
    كل ذلك يستدعي تربية وتعليما مستمرا لأن عجلة التنمية تسير وقد تسحق من لا يواكب خطاها .
    مما ذكرنا سابقا يتبين لنا أن التعليم المستمر يقوم على فلسفة أن التربية تستمر باستمرار الحياة ، وذلك لتطوير الذات الفردية والتي من خلالها يتوصل إلى تطوير المجتمع ، وكأن ذلك متابعة لكل جديد كل في مجاله إذ أن فلسفة التعليم المستمر المتظللة بظلال الفلسفة البرجماتية تتيح للفرد حريته في التربية وتطلق لقدراته الخاصة ومواهبة العنان في الوصول إلى أقصى ما يستطيع ، وتجديد خبراته ومعارفه باستمرار لا يتوقف إلا بتوقف الحياة ، ومن هنا فإن كلاً مناطٌ به تطوير ذاته من خلال التعليم المستمر والتثقيف الذاتي سواءً كان ذلك فردياً أو ضمن مؤسسات اجتماعية معدة لهذا الغرض وكل هذا في النهاية يولد لنا مجتمعاً متناسقاً مع عصره ، و مواكباً له .
    خلاصة
    لقد أصبح التعليم المستمر ضرورة فرضها الزمن منذ القدم ، تطورت بتقدمه وتزايدت بتزايد حاجات المجتمع، وفتحت ميادين تسابق مضنية تحتاج إلى لياقة تجددية مستمرة، واستراتيجيات موافقة لمتطلبات المرحلة ، من تطوير للذات واكتساب للمعارف الجديدة، وتوظيفها في مهارات تخدم المجتمع خدمة تنطلق من الفرد وتعود إلى الفرد.
    وإلى تعليم مستمر يستمر معه التقدم ألقاكم...)

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    المراجع:
    1- القرآن الكريم
    2- ابن خلدون ، عبد الرحمن بن خلدون (1993م) . مقدمة ابن خلدون . دار الكتب العلمية ، بيروت
    3- بركات ، علي بركات . التعليم المستمر والتثقيف الذاتي ، دار الفكر العربي ، القاهرة
    4- الحميدي ، عبد الرحمن الحميدي (1992م). مدخل إلى علم تعليم الكبار .كلية التربية . جامعة الملك سعود . الرياض
    5- أبو العينين ، خليل مصطفى و ويحيى ، محمد عبد الرزاق وبركات ، محمد يونس (2003م). الأصول الفلسفية للتربية ( قراءات ودراسات ) دار الفكر، عمان
    6- السنبل، عبد العزيز بن عبد الله. التربية المستمرة في عالم عربي متغير. تعليم الجماهير، 200م
    7- النعيمات، مد الله www.moe.gov.jo/school/eil/searches/search3.htm..2005م
    8- سالم ، أفكار محمد . النظرية الاجتماعية ولغة الخطاب التربوي . التربية ، العدد110 ، سبتمبر ، 1994م

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 9:04 am